الجدران دفاتر المجانين

من طرف **Sasso** الخميس 9 أبريل - 20:24

قام أحد المواطنين بتعليق لوحة على سور منزله، وكتب عليها (الرجاء عدم الكتابة على الجدران)، وذلك اتقاء شر أبناء الحي من المراهقين الذين لم يجدوا وسيلة لتفريغ مشاعرهم "الجياشة" أسهل من الكتابة على جدران المنازل والمدارس وبقية الدوائر الحكومية.

في اليوم التالي فوجئ صاحبنا بأولئك الشباب وقد كتب أحدهم تحت تلك اللوحة بخط أحمر وبعرض سور المنزل (أبشر طال عمرك)..!!

آخر اشترى منزلاً بقيمة رأى أنها صفقة رابحة. وبرغم أن المنزل ليس قديماً، إلا أن أكثر ما لفت نظره هو تشوه أسواره الخارجية جراء الكتابات الكثيرة عليها، لكنه لم يعبأ بذلك، لأنه عزم على أن يقوم بطلاء أسواره الخارجية فقط من جديد. أما الفيلا فلا تحتاج إلى ذلك كون طلائها لم يُمس.

بعد أن انتهى صاحب المنزل من ذلك، وحتى قبل أن يجف الطلاء، فوجئ بأحد "المنسمّين"، وهو يقدم له التهنئة على طريقته الخاصة، عبر كتابته على نفس السور (مبروك صبغ السور ياجار.. وعقبال الفيلا يارب)..!!
عندها أدرك سبب حرص مالك المنزل السابق على إتمام البيع بشكل عاجل، وتنازله عن جزء كبير من قيمة المنزل أثناء المفاوضات.. !!

قبل نحو عامين قرأت أن أحد رجال الأعمال في مدينة جدة لجأ إلى وضع ألواح خشبية على امتداد سور قصره مكتوب عليها عبارة (الكتابة مسموحة للشباب) وذلك للحفاظ على السور من عبث المراهقين بالكتابة عليه، وبعد أن عجز من تكرار طلاء السور دونما فائدة..!!

ويقول سكرتير رجل الأعمال هذا إن المالك طلب منه تثبيت ما يقارب 14 لوحاً خشبياً على سور القصر يسمح للشباب بالكتابة عليها لتفريغ طاقاتهم. لكنهما فوجئا بالنتيجة. إذ ملأ الشباب جميع الألواح خلال وقت قياسي، وعادوا بالتالي إلى الكتابة على السور مرة أخرى..!!

فما كان من رجل الأعمال - أعانه الله - إلا أن يطلب من سكرتيره مجدداً زيادة أعداد الألواح الخشبية وتكبيرها، مع التأكيد عليه بضرورة تغييرها بشكل دوري، مع إضافة عبارة (ولكن ليس بهذا الأسلوب غير الحضاري) إلى عبارة (الكتابة مسموحة للشباب) السابقة..!!

في جدة ذاتها عمدت أمانتها إلى فكرة مشروع "الجداريات" ليكون متنفساً لهواة الكتابة على الجدران، وقد قرأت قبل فترة أنها أطلقت أكبر جدارية للرسم في العالم على مساحة 278 متراً مربعاً. لكنني أشك في أن يكتفي هواة الكتابة على الجدران بتلك الجداريات دون غيرها..!!

لا حل لهذه المشكلة إلا بالتوعية الجادة والتي تبدأ من المنزل ولا تنتهي بالمدرسة، مع ضرورة إيجاد بدائل أخرى للتنفيس كما فعلت أمانة جدة، وعدم إغفال وضع عقوبات جزائية رادعة لمن يتجاوز ذلك إلى الممتلكات العامة والخاصة كإعادة طلاء كامل السور المشوه على حساب الفاعل مثلاً.

وصدق من قال: الجدران دفاتر المجانين..!!

* نقلاً عن جريدة "الوطن" السعودية