علم النفس وعلم الأخلاق

من طرف **laila** الجمعة 28 مايو - 21:06

علم
النفس وعلم الأخلاق

قد
عنى علماء الإسلام المتخصصون فى علم النفس وعلم الأخلاق عناية كبيرة بالنفس
الإنسانية من حيث ماهيتها وطبيعتها وكذلك أمراضها وكيفية علاجها مستندين فى ذلك
إلى القرآن والسنه ، فقد أشار الإمام الغزالى إلى أن للنفس 3 مراتب بحسب تعلقها بالبدن
حيث قال إذا سكنت النفس وزايلها الأضطراب بسبب الشهوات سميت نفسا مطمئنة ، واذا
اعترضت على الشهوات سميت نفسا لوامة، واذا اذغنت لمقتضى الشهوات سميت نفسا أمارة
بالسؤ،واستند فى ذلك إلى الآيات القرآنية قال تعالى (" وما أبرئ النفس إن
النفس لأمارة بالسوء ") وقال (" ولا أقسم بالنفس اللوامه ") وقال
(" يأيتها النفس المطمئنة * ارجعى إلى ربك راضية مرضية ") فالنفس
الإنسانية بطبيعتها أمارة بالسوء لذلك وجب على الأنسان أن يجاهدها .

ويقول
"القشيرى" أن علماء السلوك أرادو بالنفس ما كان معلوما من أوصاف العبد
ومذموما من أخلاقه وأفعاله ، وهناك ضربين من المعلومات من أوصاف العبد

الأول
:
يكون
مكسب له كمعاصيه ومخلفاته .

والثانى
:

أخلاقة
الدنيئة (الفطرية) المذمومة والتى إذا جاهدها العبد ونازلها أرتفع خلقة و أخلاقة .

ويرى
"الكلاباذى" أن أول ما يلزم أى إنسان هو علم أفات النفس (أى علم أمراض
النفس ) ومعرفتها ورياضتها وتهذيب أخلاقها .

ومن
هنا نرى أن هناك إرتباط وثيق بين الأخلاق وعلم النفس عن علماء الإسلام ، وقد كان
علم النفس عند المسلمين علما غائبا يهدف إلى غاية أخلاقيه وهى تهذيب النفس
بتعويدها الفضائل الأخلاقيه على إختلافها فلم يكن علم النفس عندهم مستقلا كمان هو
شأنه فى هذا العصر الحاضر.

وقد
توصل علماء السلوك فى الإسلام للعديد من الحقائق التى توصل إليها علم النفس حاليا
، ومثالا على ذلك ظاهرة القلق النفسى والتى فطن علماء السلوك إلى تعريفها ، فقد
تحدث "الحارس المحاسبى" عن أسباب القلق بقوله "الحزن على الوجوه :
الحزن على فقد أمر يحب الإنسان وجوده وحزن مخافة أمر مستقبل ، وحزن لما أحب من
الظفر بأمر فيتأخر عن مراده ، وحزن يتذكر من نفسه مخالفات الحق فيحزن له"
وهنا أوضح المحاسبى أسباب القلق (الحزن) الشعورية والتى تتضمن أيضا تأنيب الضمير .
اما
عن الأسباب اللاشعورية فقد تحدث عنها "السهروردى" البغدادى فى (عوارف
المعارف) بقوله " إن المريد متى انطوى ضميره على شئ لا يكشفه للشيخ تصريحا أو
تعريضا ،يصير على باطنه منه عقدة فى الطريق ، وبالقول مع الشيخ تنحل العقدة
وتزول" فكلمة (انطوى ضميره) تشير إلى عقدة قد تكون كامنه ولا يدرى عنها
التلميذ شئ وبالتحدث مع الشيخ تنحل العقدة وتزول .

ولكن
يشترط فى ذلك احساس التلميذ بأن الشيخ قادرا على إرشاده والأخذ بيده حيث قال
" ومن الأدب الا يدخل فى صحبة شيخ إلا بعد علمه بأن الشيخ قيم بتأديبه
وتهذيبه ، وأنه أقوم بالتأديب من غيره ، فإن المريد كلما أيقن تفرد الشيخ بالمشيخه
عرف فضله وقويت محبته،وعلى قدر قوة المحبه تكون سراية الحال"
وقدر
صور علماء الإسلام الشيخ بالطبيب النفسى البارع ، فو يلجأ إلى التحليل النفسى
للتعرف على أحوال نفس تلميذه ، وتشخيص أمراضها ، ويعتمد على الإيحاء فى كثير من
الأمراض النفسية ، ولكنه لا ينجح فى ذلك إلا عندما يراعى الفروق الفردية بين
التلاميذ ، وقد تحدث " الغزالى" عن ذلك بقوله "أن الطبيب لو عالج
جميع المرضى بعلاج واحد لقتل أكثرهم ، وكذلك الشيخ لو أشارعلى المريدين بنمط واحد
من الرياضة أهلكهم ، وأمات قلوبهم ، بل ينبغى أن ينظر فى مرض المريد ، وفى حاله
وسنه ومزاجه ، ويبنى على ذلك رياضته " .
ويقصد
برياضة النفس التأمل الباطنى للنفس للتعرف على عيوبها ومن ثم علاج هذه العيوب
علاجا يقوم على أسس نفسيه وحيوية فى آن واحد ، إذ أن من أصول المجاهدة والرياضة
الجوع والسهر وكبت الغرائز ، وبالتالى ينشأ عن كل مجاهدة بدنية أحوال نفسية معينة
، وهذا ما يوضح أثر الظواهر الحيوية فى الظواهر النفسية .
وحياة
المسترشد عبارة عن كفاح مستمر ينشأ عن الصراع بين الميول والعواطف والنزعات التى
لا توافق المبادئ الأخلاقيه وبين القيم الروحية السامية التى يصبو إلى تحقيقها .
وأساس
المجاهدة النفسيه هو قمع هذه الميول والنزعات وهذا القمع يكون قمعا شعوريا اراديا
.
فسلوك
الإنسان فى المجاهدة سلوك إرادى يتميز بالقدرة على الكف وتركيز الإنتباه فى أتجاه
معين مرسوم يرى أنه اسمى من غيره ، فالمجاهدة وسيلة من وسائل الأعلاء للغرائز
الإنسانية .